وساطة برّاك فشلت… وأيلول أسود؟

نداء الوطن

ندر أن تحدث رئيس الجمهورية جوزاف عون عن سلاح “حزب الله” والمفاوضات حوله، كما فعل أمس عندما أشار إلى قيامه شخصيًا باتصالات مع “الحزب” لحل مسألة السلاح، وأنه يمكن القول إن “هذه المفاوضات تتقدم ولو ببطء، وإن هناك تجاوبًا حول الأفكار المطروحة في هذا المجال”. وشدد على أن “أحدًا لا يرغب في الحرب، ولا أحد لديه القدرة على تحمل نتائجها وتداعياتها، ويجب التعامل بموضوعية وروية مع هذا الملف”. لكن “حزب الله” أطل في الوقت نفسه، وربما صدفة، ليقول عبر عضو مجلسه السياسي الوزير السابق محمود قماطي: “لن ننخدع بشعار حصرية السلاح الذي لا يعني المقاومة التي تدافع عن لبنان مع الجيش اللبناني”، مضيفًا “أن حصرية السلاح، هي لحماية الأمن الداخلي اللبناني من السلاح المتفلت”.

وسط هذه الهوة التي تفصل بين الموقف الرسمي وموقف “الحزب”، أشارت مصادر رسمية متابعة لورقة التفاوض لـ”نداء الوطن” إلى أن الصورة ما تزال ضبابية وحتى قاتمة والأجواء الأولية التي تأتي من واشنطن تلمح إلى أن رد تل أبيب سيكون سلبيًا، فهي لن تقبل بالانسحاب من التلال الخمس وتسليم الأسرى والسير بخطوة مقابل خطوة، ولن توقف الغارات والاستهدافات، بل تضع شرطًا وحيدًا وهو تسليم “حزب الله” سلاحه فقط من ثم يتم البحث بالخطوات اللاحقة.
وتوضح المصادر، أن لبنان عالق بين تشدد إسرائيل واستمرارها بتنفيذ أجندتها وبين إصرار “حزب الله” على الضمانات، وبالتالي لن يحصل أي تقدم، لافتة إلى أن الرد الأميركي على الملاحظات اللبنانية لن يتأخر، لكن لبنان ينتظر وصوله ليبني على الشيء مقتضاه مع أن روحية الرد باتت معروفة.

من جهة ثانية، علمت “نداء الوطن” أنه كلما زاد منسوب التواصل بين الدولة و”حزب الله” وخصوصًا عبر قناة رئيس مجلس النواب نبيه بري كلما زاد تشدد “الحزب”، وبالتالي لم يحدث أي تغيير في موقفه ما يدل على أن الأمور تزداد تعقيدًا.

لا زيارة رابعة لبراك 

بدورها، لفتت أوساط دبلوماسية واكبت محادثات الموفد الرئاسي الأميركي توم برّاك، إلى أنه لم تعد هناك ضرورة لزيارة رابعة أو خامسة أو سادسة يقوم بها الموفد للبنان، باعتبار أن الحديث عن زيارة جديدة لبرّاك هو “تمديد للآمال الفارغة”. وقالت: “الصورة باتت واضحة بعد فشل وساطة برّاك، ومن أفشل هذه الوساطة عليه أن يتحمل المسؤولية”.

وأشارت الأوساط إلى أن جواب “حزب الله” انكشف خلال محادثات الموفد الأميركي مع الرئيس بري الذي طالب باسم “الحزب” بضمانات فرد عليه برّاك أنه لا يمكنه تقديم مثل هذه الضمانات. وقالت: “إن موضوع الضمانات هو الذريعة الإضافية الجديدة بعد أحداث سوريا كي لا يقوم “الحزب” بتسليم سلاحه والذي يجب أن يسلّم بمعزل عن أي ذريعة، علمًا أن براك كان واضحًا عندما صرّح بأنه وسيط وأن إسرائيل تريد نزع سلاح “الحزب” فإذا كانت الدولة لا تريد القيام بهذه المهمة فلتتحملوا المسؤولية”.

وأعربت الأوساط عن خشيتها من أن واشنطن قد نفضت يدها من الوساطة، فأصبح الوضع متروكًا لإسرائيل”. وتساءلت: “هل سنكون أمام أيلول أسود وجولة جديدة من العنف قبل هذا الشهر أو بعده؟ أضافت: “من الواضح من ورقة برّاك أن هناك تشددًا إسرائيليًا، وهو قال ذلك من خلال أن إسرائيل لا تريد أن تبقى لـ “حزب الله” أي بنى عسكرية في لبنان”. وتابعت: “إن مطلب نزع سلاح “الحزب” في واقع الحال ليس مطلبًا إسرائيليًا بل هو مطلب لبناني، وأن من يريد ضمانات هو الشعب اللبناني من “الحزب” الذي انتهك السيادة واستجر الحروب وأوصل لبنان إلى ما وصل إليه وبالتالي فإن مطالبة “الحزب” بضمانات في غير محلها”.

وأكدت الأوساط أن لا مناص من أن تقوم الدولة بمسؤولياتها بتفكيك البنى العسكرية لـ “حزب الله” كي تصبح مسؤولية الأمن في لبنان ملقاة على عاتق الجيش اللبناني، فينتشر على الحدود الجنوبية والشرقية والشمالية وعند ذاك إذا ما قامت إسرائيل بأي فعل في لبنان تصبح إسرائيل في مواجهة الدولة اللبنانية بينما هي اليوم في مواجهة مع الحزب”.

وأكدت الأوساط الدبلوماسية أن الصورة قاتمة والدولة لا تريد الاصطدام بـ “حزب الله” وكأنها في مكان تتوقع هجومًا إسرائيليًا مجددًا على “الحزب”. وإذا ما حضر توم برّاك مجددًا إلى لبنان فستكون زيارته استطلاعية وعلاقات عامة”.

في المقابل، ووفق الأوساط نفسها، “إذا كان هناك من رهان على فوضى في سوريا فالأمور هناك تمضي في اتجاه آخر من خلال الدعم الاقتصادي والمالي السعودي ولو أن الأمر متفق عليه سابقًا، ما يؤكد من خلال هذا الدعم السعودي أن سوريا خط أحمر. وقالت إنه بمعزل عما جرى في الجلسة الأولى بين وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني وبين الوزير الإسرائيلي، فمن المؤكد أن سوريا ذاهبة إلى مزيد من الترتيبات مع إسرائيل من جهة، ومن خلال الإمكانات الاقتصادية من جهة أخرى، لمنع إيران من أن تستغل أي فوضى داخلية. وبالتالي، إن أي رهان لـ “الحزب” على فوضى في سوريا يصطدم بالوضع الجديد .

وخلصت الأوساط الدبلوماسية إلى القول: “نحن أمام إعادة تثبيت وترتيب الوضع السوري. وفي المقابل، لبنان مفتوح على شتى الاحتمالات”.